إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .. وبعد
أخواني ، أخواتي أعضاء و رواد
12221803-2.gif picture by abo3azab
تَأَمُّلاَتُ في قَوْلِهِ تَعَالَى :{ أََزْوََاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ }
بقلم عبد الرزاق بن عبد المحسن بدر -حفظه الله تعالى-
بسم الله الرحمن الرحيم
المقــــدمة:
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمداًً عبده ورسوله .
وبعد: فهذا البحث مشتمل على لطائف متفرقة وفوائد متنوعة مستفادة من النظر والتأمل لقوله تعالى في حقِّ أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم:{ أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ }وذلك في الآية السادسة من سورة الأحزاب حيث جعلهنَّ تبارك وتعالى أمهات للمؤمنين .
ولا ريب أنَّ هذه درجة رفيعة نلنها ، ومكانةُ ساميةُ تبوأنها ، تكرمه من الله لهنَّ وتشريفاً، ولله ما أعظمها من مكانة وأعلاها من درجة شَرُفْنَ بها بأزواجهنَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والله تعالى بهذا التكريم لهنَّ والتشريف يُعظم حقهنَّ ، ويعلي بين الأمة قدرهنَّ ،وينوّه بلزوم الاهتمام بالواجب لهنَّ رضي الله عنهنَّ وأرضاهنَّ.
وقد انتظم هذا البحث خمس عشرة مسألة تدور حول فقه هذه الآية وتأملّها.وقصدي من وراء ذلك نفع نفسي ومن يقف عليه من إخواني ،والقيام بشيء من واجبات أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ.
والمسائل المبحوثة هنا هي:
المسألةالأولى: في بيان معنى الأزواج .
المسألةالثانية :في بيان معنى الأمهات.
المسألةالثالثة: في فائدة الإضافة في قوله تعالى
وأزْوَاجُهُ)
المسألة الرابعة: في فائدة الإضافة في قوله تعالى
أُمَّهَاتُهُمْ)
المسألة الخامسة :في وجه كون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين .
المسألة السادسة : إذا قيل : إنَّ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين ،فهل يقال إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أبُ لهم ؟
المسألة السابعة:هل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين فقط ؟
أو أمهات للمؤمنين و المؤمنات ؟ .
المسألة الثامنة:هل يقال لإخوان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم أخوال للمؤمنين ؟ وهل يقال لبناتهنَّ بأنهنَّ أخوات للمؤمنين ؟.
المسألة التاسعة: هل يقال لسراري النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين أولا يقال ؟
المسألة العاشرة : هل النساء اللاتي عقد عليهنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بهنَّ معدودات في أمهات المؤمنين ؟ .
المسألة الحادية عشرة : في ذكر عدد أزواجه صلى الله عليه وسلم والتعريف بهنَّ رضي الله عنهنَّ .
المسألة الثانية عشرة: في ذكر بعض فضائلهنَّ وخصائصهنَّ .
المسألة الثالثة عشرة: في واجبنا نحو أزواجه صلى الله عليه وسلم .
المسألة الرابعة عشرة : في الحكمة من تعدد أزواجه صلى الله عليه وسلم .
المسألة الخامسة عشرة : في التحذير من المواقف المنحرفة تجاه أزواجه صلى الله عليه وسلم .
وهذا أوان الشروع في المراد ، بالله وحده التوفيق (1) .
المسألة الأولى : في بيان معنى الأزواج .
الأزواج في اللغة : جمع زَوْج ، وأصله من مادة " زوج " الدالة على مقارنة شيء لآخر ، واقتران الذكر بالأنثى يسمى زواجاً، ويسمى كل واحد منهما زوجاً للآخر ، ومنه قوله تعالى لآدم:{ اسْكُنْ أَنتَ وزَوْجُكَ الجَنَّةٌ} – الأعراف 19-
وقوله عن زكريا :{ وَأَصْلَحْنَا لهُ زَوْجَهُ} -الأنبياء 90 ، وقد يقال للمرأة زوجة وتجمع على زوجات ، إلاَّ أنَّ الأول أفصح (2) .
والزواج يعدُّ من النعم العظيمة التي امتن الله بها على عباده ، ومن الآيات الكبيرة الدالة على كمال قدرة الله تبارك وتعالى ، وتمام حكمته ، ووجوب إخلاص الدين له دونما سواه .
قال تعال: {وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ منْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ منْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم منَ ٱلطَّيبَاتِ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }
النحل 72- .
وقال تعالى:{ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ * فَاطِرُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ جَعَلَ لَكُم منْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ * } الشورى 10 ،11-.
وقال تعالى :{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم منْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } الروم 21- .
المسألة الثانية :في بيان معنى الأمهات.
الأمهات: جمعً مفرده أم ، وهي لغة بإزاء الأب ، وهي الوالدة القريبة التي ولدته ، والبعيدةُ التي ولدت من ولدته ، لهذا قيل لحواء هي أمنا ، وإن كان بيننا وبينها وسائط، ويقال لكل ما كان أصلا لوجود الشيء أو تربيته أو اصطلاحه أو مبدئه أمُّ .
قال الخليل : كل شيء ضُمُّ إليه سائر ما يليه يسمَّى أمًّا (3)
( وقد وردت كلمة ) أمّ ( في القرآن الكريم على أوجه عديدة :
الأول : بمعنى نفس الأصل { هُنَّ أُمُّ الكتَاب} آل عمران 8 أي أصله.
الثاني: بمعنى المرجع و المأوىِِ{ فأُمُّهُ هَاويَة} القارعة 9 أي مسكنه النار.
الثالت: بمعنى الوالدة { فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها} طه 40.
الرابع : بمعنى الظئر {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ}النساء 23 .
الخامس: بمعنى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم{وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتهُُمْ } الأحزاب 6 .
السادس : بمعنى اللوح المحفوظ { وَإِنَّهُ فِيۤ أُمّ ٱلْكِتَابِ } الزخرف 4.
السابع: بمعنى مكة شرفها الله تعالى{لتنُذرَ أُمَُّ القُرَى}الشورى8 "4".
وبما تقدم يعلم أن المرأة قد تكون أمًّا من أحد أوجه ثلاثة :
1- إما من جهة الولادة، فالوالدة أمُّ لمن ولدته ، وأمُّ لولد من ولدته.
2- وإما من جهة الرضاعة ، فالمرضع أمُّ لمن أرضعته ، وأمُّ لولد لمن أرضعته .
3-وإما من جهة التربية والإصلاح ، فالمربية والمصلحة أمّ لمن ربته و أصلحته. فمن الأول قوله تعالى: ٍ{ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها} طه 40.
ومن الثاني قوله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ}النساء 23
ومن ثالث قوله تعالى{وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتهُُمْ }.
-----------------------------------------------------------------------------------
"1" وقد تم نشرهذا البحث في العدد الثالث والخمسين من مجلةالبحوث الاسلامية
"2" انظر : معجم مقاييس اللغة لابن فارس(-3/35) وجلاء الأفهام لابن القيم ص- 150،151 -.
"3" انظر : المفردات للراغب ص 22
"4" انظر, بصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي (2/11،112)
---------
يتبع بإذن الله ...
من شكر الله قولا وعملا زاده من فضله واحسن له العاقبة
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ الله عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ اقْرَأْ وَاصْعَدْ فَيَقْرَأُ وَيَصْعَدُ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةً حَتَّى يَقْرَأَ آخِرَ شَيْءٍ مَعَهُ".
قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:
إذا رأيت قلبك لا يتأثر بالقرآن فاتهم نفسك
لأن الله أخبر أن هذا القرآن لو أنزل على جبل لتصدع وقلبك يتلى عليه القرآن ولا يتأثر!
لا تنسوا اخوانكم المستضعفين في كل مكان
ولا تنسونا من صالح دعاءكم
للإفادة وليس لزيادة الردود