ان مما يبطر النفس ويدفعها الى الصراعات المشؤومة والشهوات المذمومة طول املها , ونسيانها للموت , ولذلك كان تعالج به النفس تذكر الموت الذي هواثر القهر الالهي وقصر الامل الذي هو اثر عن تذكر الموت , وبقدر ما يقصر الامل ويتذكر الانسان الموت يكون عكوفه على القيام بحقوق الله اكثر , ويكون الاخلاص في عملة اتم , ولايظنن ظان ان قصر الامل يحول دون اعمار الدنيا , فالامر ليس كذلك بل عمارة الدنيا مع قصر الامل تكون اقرب الى العبادة , ان لم تكن عبادة خالصة ففارق من يمل بالسياسة قياما بحق الله , وبين من يعمل فيها من اجل شهوة نفسه
ان قصر الامل وتذكر الموت ينقلان الانسان من الطور الثاني الى الطور الاول . ومن هنا ياخذ تذكر الموت وقصر الامل اهمية كوسيلة من وسائل تزكية الانفس قال الغزالي فجدير بمن الموت مصرعه , والتراب مضجعه, والدود انيسه , ومنكر ونكير جليسه , والقبر مقره وبطن الارض مستقره , والجنة او النار مورده , ان لا يكون له فكر الا في الموت ولا ذكر الا له , ولا استعداد الا لاجله , ولاتدبير الا فيه , ولا تطلع الا اليه , ولا تعريج الا عليه , ولا اهتمام الا به , ولا حول الا له, ولا انتظار وتربص الا له, وحقيق بان يعدنفسه من الموتى ويراها في اصحاب القبور فان كل ماهو ات قريب والبعيد ما ليس بات , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت " ولن يتسر الاستعداد للشئ الا عند تجدد ذكره على القلب , ولا يتجدد ذكره الا عند التذاكر بالصغاء الى المذكرات له, والنظر في المنبهات عليه ليكون ذلك مستحثا عل الاستعداد , فقد قرب لما بعد الموت الرحيل , فما بقي من العمر الا القليل , والخلق عنه غافلون ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) سورة الانبياء 1