الطريقة الثالثة
(عن طريق : الراوي الأعلى للحديث)
المقصود بالراوي الأعلى هو الراوى الذى اسمه في السند قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، وذلك الراوي قد يكون صحابياً إذا كان الحديث موصولاً، وهو الأكثر. وقد يكون تابعياً إذا كان الحديث مرسلاً، وهو الأقل.
إذا أردنا تخريج حديث حسب هذه الطريقة فيجب علينا أن نعرف اسم روايه الأعلى أولاً، ثم نأتي إلى الكتب التى رُتِّبَت الأحاديث فيها على أسماء الصحابة فوُضِعَت فيها تحت كل صحابي أحاديثُه، (وتحت كل تابعي مراسيلُه كما في تحفة الأشراف).
أنواع كتب هذه الطريقة:
كتب هذه الطريقة على خمسة أنواع:
1- كتب المسانيد.
2- كتب المعاجم.
3- كتب الأطراف.
أولاً : كتب المسانيد:
تعريف المسانيد: هي جمع مسند – بضم الميم، وفتح النون-، وهو:
في اللغة: مأخوذ من "سَنَد". قال ابن فارس "السين والنون والدال أصل واحد، يدل على انضمام الشئ إلى الشئ. وقال الزبيدي: "المسند معتمد الإنسان".
وفي اصطلاح المحدثين يطلق على ثلاثة معان:
أ-الكتاب الذي ضُمَّت فيه أحاديث كل واحد من الصحابة بعضها إلى بعض في مكان واحد؛ وان اختلفت درجاتها من صحة، وحسن، وضعف، فالمسند حينئذ اسم مفعول من "أسند يسند إسناداً". والمسانيد بهذا المعنى هي التي تهمنا لهذه الطريقة، وهي كتب هذه الطريقة، وكلها كتب أصلية ما عدا "جامع المسانيد والسنن" لابن كثير، و"جمع الجوامع" للسيوطي، فإن الأول شبه أصلي، والآخر غير أصلي.
ومن أمثلة مسانيد الصحابة:
1- المسند: للربيع بن حبيب بن عمرو الفراهيدي الأزدي (توفى نحو سنة 170هـ) اشتمل على (654) حديثاً.ورتبه الشيخ أبو يعقوب الوارجلاني (ت570هـ) على الأبواب كالجوامع، وضم إليه زيادات من مرويات الربيع عن ضمام عن جابر، ومريوات أفلح عن أبي غانم وغيره، ومراسيل جابر بن زيد.
2- المسند: لأبي داود الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود البصري (ت204هـ)، وهو من جمع بعض تلامذه، ويضم مسانيد حوالي (177) صحابياً، و(2767) حديثاً. ورتب الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنّا الساعاتي (ت1371هـ) أحاديثه على الأبواب الفقهية، وسماه "منحة المبعود في ترتيب مسند الطيالسي أبي داود"، وكلاهما مطبوع.
3- المسند للحميدي أبي بكر عبد الله بن الزبير (ت219هـ)، يضم مسانيد (180) صحابياً، و(1300) حديثاً، حققه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي رحمه الله.
4- المسند للإمام إسحاق بن راهويه المروزي النيسابوري (ت238هـ)، يوجد الجزء الرابع منه في دار الكتب المصرية تحت رقم 454 حديث، وطبع 1410هـ بتحقيق د. عبد الغفور عبد الحق حسين البلوشي، ويحتوي على ما تبقى من مسند أبي هريرة، وهو 542 حديثاً، ومن مسند عائشة 1272 حديثاً بالمكرر.
5- المسند: للإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني البغدادي (ت241هـ)، روى فيه عن (1056) صحابياً وصحابية(21). قيل : عدد أحاديثه 40000 بالمكرر. وقيل : 30000، وفيه زيادات ابنه عبد الله، ويسير من زيادات أبي بكر القطيعي أحمد بن جعفر البغدادي (ت368هـ) راوي المسند عن عبد الله(22)، وعدد أحاديثه في الطبعة المرقمة (27100) طبع دار إحياء التراث العربي ببيروت، ط2، 14141هـ/1993م، وقد رتب أحاديثه الشيخ البنّا على الأبواب الفقهية، وسماه "الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد ابن حنبل الشيباني" في 24 جزءاً في 14 مجلداً، وهو أيضاً مطبوع.
وغيرها كثير .
ب-الكتاب الذي أحاديثه مسندة(أي لها إسناد متصل) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومرتبة على الأبواب الفقهية(25) مثل المسند للإمام عبد الله بن المبارك وغيره.
والمسانيد بهذا المعنى ليست من كتب هذه الطريقة، وإنما هي من كتب الطريقة الرابعة كما سيأتي.
جـ- الكتاب الذي أُسْنِدَتْ فيه أحاديث مجردة من الأسانيد في كتاب: ورتبت أحاديثه على الكلمات، من غير تقيد بحرف، أو على الحروف، وتسميته بالمسند جاءت على أنه مصدر ميمي ، فمسند الشهاب – مثلاً – معناه إسناد أحاديث كتاب الشهاب.
والمسانيد بهذا المعنى أيضاً ليست من كتب هذه الطريقة.
ثانياً : كتب المعاجم:
المعاجم في اللغة: هي جمع مُعْجَم، وهو مأخوذ من "أعجم فلان الكتاب" أي نقّطه أي أزال عجمته بالنقط. ومنه حروف المعجم أي حروف الإعجام على أن المعجم مصدر ميمي كالمدخل، أي من شأنها أن تعجم. ويقال: "كتاب معجم" أي منقط.
وفي اصطلاح المحدثين: هو الكتاب الذي تذكر فيه الأحاديث على ترتيب أسماء الصحابة، أو الشيوخ، أو البلدان، أو غير ذلك، والغالب أن يكونوا مرتبين على حروف المعجم، وهذا هو سبب تسميته بالمعجم.
وعلى هذا فإن كتاب المعجم الذي تذكر فيه الأحاديث على أسماء الصحابة هو من نوع المسانيد – بالمعنى الأول – بفرق أن أسماء الصحابة في المسانيد ليست مرتبة على ترتيب معين. وأمثال هذه المعاجم هي التي تعنينا في هذه الطريقة.
أما المعاجم التي جمعت فيها الأحاديث على ترتيب أسماء الشيوخ مثل المعجمين الأوسط والصغير للطبراني، وغيرهما؛ وسوف يأتي ذكرها في الطريقة السادسة إن شاء الله، أو البلدان مثل معجم البلدان لأبي سعد السمعاني (ت562هـ) وغيرها ، وهذه لا توجد، فنضرب عن ذكرها صفحاً.
المعاجم المرتبة على أسماء الصحابة:
1- معجم الصحابة: لأبي يعلي بن علي الموصلي (ت307هـ). لا أعرف عنه شيئاً.
2- معجم الصحابة: لأبي الحسسين عبد الباقي بن قانع البغدادي (ت351هـ): يوجد مخطوطاً – إلا قدراً يسيراً منه-، يجري تحقيقه حالياً في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، أخرج فيه عن كل صحابي بعض الأحاديث من مروياتهم.
3- المعجم الكبير: للطبراني أبي القاسم سليمان بن أحمد (ت360هـ): يقال: إنه أورد فيه ستين ألف حديث، وهو أكبر معاجم الدنيا، قدّم أحاديث الخلفاء الراشدين الأربعة، ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة، ثم رتب بقية الصحابة على حروف المعجم، ما عدا أحاديث أبي هريرة فإنه أفردها بتصنيف مستقل، وطبع من الكبير 20 جزءاً، ولا زالت الأجزاء: (13، 14، 15، 16، 21) مفقودة، وكذلك مسند أبي هريرة أيضاً مفقود.
4- معجم الصحابة: لأبي بكر أحمد بن علي، المعروف بابن لال، الهمداني (توفي بنواحي عكا بالشام 398هـ): قال ابن شهبة في تاريخه في هذا المعجم: "ما رأيت شيئاً أحسن منه"، لا أعرف عنه شيئاً.
ثالثاً : كتب الأطراف:
الأطراف في اللغة: هي جمع طَرَف، وهو: الناحية، وطائفة من الشيء.
وفي اصطلاح المحدثين: طرف الحديث: هو جزء الحديث الدال على بقيته ، سواء كان ذلك الجزء من ألفاظ الحديث مثل: "بني الإسلام على خمس000"، و"الإيمان بضع وسبعون شعبة00"، "الدين النصيحة000"، ونحوها، أو وضع له مؤلف كتاب الأطراف عنواناً مثل: "حديث جبريل" و"حديث النغير" ونحوهما.
كتب الأطراف: هي الكتب التي يجمع فيها مؤلفوها أحاديث كتاب، أو كتابين، أو أكثر، مقتصرين على ذكر الطرف منها الدال على بقيتها، مرتبين إياها على أسماء الصحابة، أو التابعين، مع ذكر جميع أسانيد كل حديث موجود في تلك الكتب عند ذكر الطرف منه، وهم إما يذكرون جميع رجال أسانيدها كما في تحفة الأشراف، أو بعض رجالها كما في ذخائر المواريث.
قولنا: "احاديث كتاب" مثل "أطراف صحيح ابن حبان للعراقي، وغيره.
وقولنا: "فأكثر" مثل كتاب "الإشراف على معرفة الأطراف – أطراف السنن الأربعة – لابن عساكر"، وكتاب "أطراف الكتب الستة لأبي الفضل الممقدسي"، وغيرهما.